تفتح، اليوم، محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء العاصمة ملف قضية "الطريق السيار شرق ـ غرب" المتابع فيه 16 متهما إلى جانب7 شركات أجنبية، حيث يتوقع المحامون حدوث نفس سيناريو التأجيل الذي حصل مع ملف "سوناطراك01" بسبب قائمة الشهود الطويلة، فيما من المتوقع أن يطالب الدفاع بسماع شهادة بعض الخبراء واستدعاء الوزير السابق للأشغال العمومية للاستماع لشهادته أمام تشكيلة محكمة الجنايات.
وكشف محام على صلة بالملف ـ رفض ذكر اسمه ـ بأن المحاكمة ستتأجل في الغالب لغرض استدعاء الشهود، حيث أشار إلى أن القائمة التي تم سماعها أثناء التحقيق طويلة، وسيقدم المحامون أسماء الشهود المهمين لاستدعائهم من قبل النيابة العامة، حيث سيتم التركيز على الخبراء الذين لهم صلة بقطاع الأشغال العمومية، لشرح القضية للمحكمة، خاصة أنه لا يوجد أي ضرر مادي أصاب الوزارة بناء على التحقيق .
وكشف في السياق بأن الدفاع سيطالب المحكمة باستدعاء الوزير السابق للأشغال العمومية عمار غول والذي تم الاستماع له كتابيا كشاهد في الملف من خلال إجابته على أسئلة قاضي التحقيق المتعلقة بصفقة انجاز الطريق السيار وما اكتنفها من تجاوزات، حيث أشار ذات المصدر إلى أن حضور الوزير السابق للمحكمة ضروري ليطلع المحلفون على أقواله وليتسنى للمحامين طرح أسئلتهم، فيما لم يخف لنا محدثنا صعوبة تأجيل القضية مقابل تمسك القاضي بالمحاكمة ـ حسب ذات المصدر ـ للتخلص من الملف الذي شغل الرأي العام لأكثر من 7 سنوات، فيما يبحث المحامون عن الظروف الملائمة لتبرئة موكليهم، حيث اعتبر المحامون ملف القضية فارغا، متسائلين: "هل الملف محل المتابعة يتعلق بأموال منهوبة في إطار إنجاز الطريق السريع على امتداد 1200 كلم؟ أم ماذا؟".
وفي سياق متصل، سيسعى دفاع المتهم "خ . محمد" العقيد المتقاعد الذي فجر ملف القضية وتم إيداعه الحبس المؤقت أربعة أشهر بعد التحقيق للمطالبة باستدعاء خبراء في مجال الصفقات العمومية، لتحديد الضرر، وكذا تهمة تبديد أموال عمومية، خاصة أن المتهم تمت متابعته بالحصول على امتيازات مستحقة، تمثلت في تذاكر طائرة، ومصاريف إيجار سكن وظيفي دفعته الشركة الصينية، فيما تشير ذات المصادر إلى أن الملف سيتأجل لعدم تمكن دفاع رجل الأعمال وهما المحاميان الأجنبيان للمتهم "م،ش" صاحب مكتب الدراسات ببروكسل من الحضور.
وفي المقابل، أكد المحامي خالد برغل المؤسس في ملف القضية على أن التأجيل لن يكون في صالح المتهمين الموقوفين منذ أكثر من سبع سنوات، كما أنه من صالح محكمة الجنايات المضي في إجراءات المحاكمة للتفرغ لملفات أخرى وحتى لا تتزامن المحاكمة مع ملف قضية "سوناطراك01" في حال تأجيلها، وبخصوص احتمال استدعاء وزير الأشغال العمومية السابق، عمار غول بصفته شاهدا مهما في الملف، استبعد محدثنا ذلك، مؤكدا أن القاضي وحده من يحدد إمكانية ذلك، واستدعاء المحامين للشهود يكون حسب التهمة الموجهة لموكليهم.
رشاوى بالعملة الصعبة لمنح الصفقات للشركات الأجنبية
ومعلوم أن التحقيق انطلق سنة 2008، ووجهت فيه أصابع الاتهام إلى 16 شخصا، أربعة منهم موقوفين و10 غير موقوفين واثنان في حالة فرار، وأغلبهم إطارات بوزارة الأشغال العمومية وكذا رجل أعمال وسبع شركات ومجمعات أجنبية (صينية وسويسرية ويابانية وبرتغالية إسبانية وكندية وإيطالية) والتي وجهت لهم تهم قيادة جماعة أشرار واستغلال النفوذ والرشوة وتبييض الأموال وإساءة استغلال الوظيفة وتلقي هدايا غير مستحقة، ومخالفة التشريع الخاص بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج وتبديد أموال عمومية، وهذا بعد ما ثبت تلقي المتهمين لرشاوى معتبرة بالدولار والأورو من قبل شركات أجنبية لغرض تمكنها من الفوز بطرق غير قانونية على مشاريع في ميدان الأشغال العمومية والنقل، على غرار مشروع إنجاز الطريق السيار شرق ـ غرب ومشروع سد كاف الدير بولاية تيبازة ومشاريع الترامواي وكذا مشاريع المصاعد بكل من قسنطينة وتلمسان وسكيكدة ووادي قريش بالعاصمة.
وكشف الملف أن المتهم "ش،م" صاحب مكتب الدراسات ساعد المجمع الصيني "سيتيك" في الاستفادة بطريقة غير قانونية من تسهيلات إدارية بوزارة الأشغال العمومية، مستغلا علاقته الوطيدة مع مسؤولين بالوزارة، وقام بالتأثير على مختلف المتعاملين الجزائريين والأجانب (مجمع كوجال الياباني ومجمع سمينك الكندي والشركة السويسرية كرافنتا أس أ والمجمع الاسباني إزولوكس كورسان والشركة الإيطالية بيزاروتي والشركة البرتغالية كوبا)، مدعيا أنه يعمل لصالح الأمن الجزائري.
تعليقات
إرسال تعليق